موضوعنا اليوم هو حول الثقافة، فما تعريفها ؟ ما المقصود منها ؟ وماهي مقومات الثقافة ؟ وماهي مقاييس أو معايير الثقافة ؟
حينما ننوي التحدث على الثقافة ، يكون لزاما علينا ذكر مفاهيم معينة كالقراءة ، الفكر و المطالعة كأنها محطات وقود في طريق الثقافة غير المحدود .قبل الشروع و الخوض في صلب الموضوع لابد من التقاط أو صيد هكذا تعريف مبسط ما أمكن لكلمة ثقافة .
نجتمع كلنا طبعا على أن الثقافة شيئ إيجابي محمود و يزيد من قيمة صاحبه و يوسع معارفه و حصيلته في شتى المجالات . الثقافة في المصطلح الشعبي المتداول عبارة عن إلمام الشخص بمختلف الميادين و المواضيع ؛ كأن يكون لديه في كل شيئ بصمة ، فيقال عن هذا الإنسان مثقف لأنه جامع لكل شيئ أو بشكل آخر عبارة عن دليل و موسوعة لكل شيئ تقريبا. ويقال أيضا أن الثقافة هي أن تعرف شيئا عن كل شيئ وأن تعرف كل شيئ عن شيئ ! لحظة ما معنى هذا ؟ معناه كالتالي : " أن تعرف شيئا عن كل شيئ " يعني في كل مجال من مجالات الحياة يجب أن تكون لك دراية و لو بسيطة " وأن تعرف كل شيئ عن شيئ " وفي نفس الوقت تعرف كل شيئ معرفة شاملة و مفصلة عن شيئ واحد و الأغلب أنه تخصصك أو مجال مهنتك و شغلك .
نمر الآن من هذه التعاريف الشعبية البسيطة إلى تعاريف أكثر أكاديمية ؛ فالثقافة لدى المثقفين هي ذلك الشغف و الفضول الذي يدفعك لطرح التساؤلات حول كل المبهمات و البحث عن الأجوبة و الحقيقة بكل لهفة ، تلك السعادة التي تغمرهم لما يعرفون حقيقة شيئ ما أو معلومة معينة أو تفسير لظاهرة ما ، ويكون الجواب المحصل حينئذ أغلى من الذهب : هذا هو مفهوم الثقافة الأكاديمي المليئ بقليل من العاطفة الغير مقصودة .
بعد حديثنا عن الثقافة بشكل عام ، ننتقل لنتكلم قليلا عن مقوماتها ، و أول ما يتبادر إلى ذهننا الآن هو العلم و المعرفة اللذان يعدان من أبرز مقومات و شروط تحقيق الثقافة إن جاز تحرير كلمة "تحقيق" ؛ لأن الثقافة لا تحقق باعتبارها هدفا منتهيا ولكنها عبارة عن وسيلة-غاية مستمرة عبر الزمن فحينما يقول المرء أنا عالم فقد جهل ، كما قلنا فإن العلم شرط أساسي للسير في ركب المثقفين و مواكبة نشاطاتهم "العلم نور و الجهل عار" عار على مسببه و ليس على الجاهل طبعا ؛ وكما نعلم فإن أول كلمة أنزلت من الله عز و جل على رسوله الكريم عبر جبريل كانت :"اقرأ" وهذا دليل كاف ليتبين لك ما للقراءة بصفة خاصة و للعلم بصفة عامة من أهمية عظيمة في نهوض حضارات الأمم ، وقد ربط الله كرمه لأمة بالقراءة بقوله تعالى : " اقرأ و ربك الأكرم " بغض النظر عن ديانة الأمة المقصودة.
انظر الآن إلى اليابان و إلى الدول الغربية المتقدمة : هل تعلم أن متوسط قراءة الفرد الأوربي في السنة هو 200 ساعة في حين لا يتجاوز الدقيقتين لدى الفرد في شمال افريقيا و الشرق الأوسط ، شيئ مخجل فعلا أليس كذلك . أمة اقرأ لا تقرأ إلى متى ؟ .....
0 التعليقات:
إرسال تعليق